Admin Admin
عدد المساهمات : 1433 تاريخ التسجيل : 03/07/2009 العمر : 62
| موضوع: مفهوم الموسيقى العربية عبر التاريخ الخميس ديسمبر 10, 2009 7:18 am | |
| تقع شبه الجزيرة العربية ما بين مصر والعراق. وكانت مركزا تجاريا في العالم القديم وأساسا للحضارة منذ ثلاثة آلاف عام قبل الميلاد. وقد كشفت الآثار عن وجود ممالك عربية قديمة في جنوب شبه الجزيرة ذات مدنيات خاصة وحضارات عريقة.
يقول الدكتور فريتس هومل: " لقد عثرنا في بلاد العرب الجنوبية على آثار مزدهرة في زمن قديم جدا". وأضاف: " لا بد أن مدينة بلاد العرب الجنوبية بآلهتها ومحارق بخورها ونقوشها وقلاعها وحصونها كانت مزدهرة في بداية الألف السنة الأولى قبل الميلاد. إلا أن أصل العرب ومدى علاقتهم بالشعوب السامية الأخرى لم يزل حتى الآن موضع جدل بين علماء الأجناس".
ولا تشهد الآثار وحدها على عظمة هذه المدنيات، بل النقوش البابلية والأشورية والسماوية، والمؤلفون القدامى أيضا، إذ يعترفون بالدور الذي قامت به بلاد العرب في توجيه الثقافات الأشورية والبابلية.
ومع ذلك، لم يصل إلينا شيء عن موسيقى الأقدمين، ولكن تم الإهتداء إلى أول أثر للموسيقى العربية في القرن السابع قبل الميلاد على أحد نقوش بانيبال، إذ يذكر أن الأسرى العرب كانوا يقضون وقتهم في الغناء والموسيقى، وهم يشتغلون لسادتهم الأشوريين، مما أطرب الأشوريين لدرجة جعلتهم يسألونهم المزيد.
ويعترف العالم الموسيقي بيتر كروسلي هولاند أنه قامت حضارة عربية كبيرة خلال الألف السنة قبل الميلاد. وقد استطاعت هذه الحضارة النامية أن تؤثر تأثيراً مباشراً على الشعوب المجاورة، وأهمها سكان بلاد با بين النهرين والإغريق والعبريين. ومما يدل على هذا التأثير في رأي كروسلي، "هو أن بعض أنواع الآلات الموسيقية العربية يستخدم في هذه البلاد بصورة تثبت سابق صلتها بالاسم العربي. ومن ذلك كلمة "طبلة" بالعربية وهو اسم الآلة الإيقاعية المعروفة لدينا والتي تستخدم على نطاق شعبي شاسع في بلادنا. ومما يدل على عراقة أصلها أن اسم هذه الآلة باللغة العبرية تيبيلا، وبلغة أهل بابل وأشور تابولا. وكذلك كلمة تف في الآرامية العبرية تعود إلى كلمة دف في العربية. ومن الواضح أن المزمار العبري المسمى زمر هو الزمر العربي. وهكذا حدث الاشتقاق لكل هذه المسميات من الاسم العربي الأصيل. ولا عجب في ذلك، فإن للعرب أثرهم الواضح في جميع الميادين".
تدل جميع الظواهر على أن الموسيقى العربية القديمة استخدمت في الأغراض ذاتها التي كانت تستخدم فيها موسيقى الطقوس الدينية. ومن هذه الأغراض التغني بالشعر والاشتغال بالسحر. ولا شك أن الدراسات الدقيقة للآثار القديمة في بلاد ما بين النهرين قد تمخضت عنها نتائج باهرة تعكس الصورة التي كانت عليها الموسيقى العربية في عصر ما قبل التاريخ. لكن تلك الحضارة العربية القديمة اندثرت مع التدهور السياسي والاقتصادي الذي أصاب الممالك العربية وصارت الهجرات أمراً مألوفاً يومياً، فهجرت المدن العظمى وتركت للخراب.
والموسيقى قديمة قدم الإنسان، عرفتها جميع الشعوب منذ عصور التاريخ السحيقة وما قبل التاريخ. فهي من مستلزمات الحياة الفردية والاجتماعية لا يكاد يخلو منها زمان أو مكان. وقد أجمعت الدراسات النفسية في كل العصور على أن الموسيقى تلطف المشاعر وترهف الأحاسيس وتسمو بالنفوس وتبعث فيها النشوة والبسمة. وحيث إن الإنسان العربي قديم قدم التاريخ، وإن الآثار كشفت عن وجود ممالك عربية ذات مدنيات خاصة تضارع بابل وأشور، لذلك لا بد لنا من كشف النقاب عن هذا الفن عند العرب.
وهنا يعود بنا التاريخ إلى العصر الجاهلي حيث اشتهر العرب بفن الغناء والشعر. وإن الشعر الجاهلي بما يبلغه من تطور ونضج ينم عن مدى تعلق العرب المبكر بهذا الفن، ويدل على أهميته الكبرى عندهم. ودليلنا في هذا المجال ما قرأناه في أشعار امرئ القيس والنابغة الذبياني وزهير بن أبي سلمى والأعشى وعنترة وغيرهم. وإن ما يتميز به هذا الشعر من موسيقى وإيقاع بسبب الأوزان والقوافي قد منح الإنسان العربي ذوقا رفيعا في الموسيقى والغناء، وأذنا تتقبل الإيقاعات التي تتفق مع ذوقه الموسيقي.
ثم تطور هذا الفن الموسيقي في ركب الحضارة العربية حتى بلغ ذروة مجده. وإذا ما تطلعنا إلى هذا التطور، فإننا نذهل لضخامة وقيمة الإبداع الذي أظهره العربي في هذا المجال من إتقان للسلم الموسيقي والآلات الموسيقية.
اهتم العرب اهتماماً كاملاً بالموسيقى ونظروا إلى هذه الصناعة نظرة إجلال واحترام، وحظي المجيدون فيها بكل عناية وتقدير. وشغف بها الخلفاء والأمراء والقضاة والفلاسفة والعلماء وأعطوها حقها من الرعاية والتقدير.
والتقدم في الموسيقى يستتبع التقدم في صناعة الآلات الموسيقية، لا سيما لدى شعب عملي كالشعب العربي. فقد حقق العرب منجزات كبيرة في علم الحيل وتقنية الآلات، وجعلوا من صناعة الآلات الموسيقية فنا رفيعا. فهناك عدة وسائل في صناعتها، وهناك دلائل على أن العرب كانوا مبتكرين في هذا المضمار. فزلزل أدخل العود الشبوطي، والزنام أو الزلام رسم آلة هوائية تسمى ناي زنامي أو زلامي. وأضاف زرياب إلى أوتار العود الأربعة وتراً خامساً، ورتب هذه الأوتار بحيث يعادل كل وتر ثلاثة أرباع ما فوقه. واخترع مضراب العود من قوادم النسر بعد أن كان من مرهن الخشب. وفي أواخر القرن التاسع الميلادي وضع أبناء موسى بن شاكر أسس وقواعد الموسيقى الميكانيكية واستعملوا البريخ الموسيقي لتوزيع الألحان. هذه الموسيقى لم تظهر بوادرها في أوروبا إلا في أواخر القرن السادس عشر الميلادي. وفي القرن العاشر الميلادي ابتكر الفارابي الربابة والقانون. واشتهر العباس وأبو المجد بصناعة الأرغن. وأما صفي الدين عبد المؤمن الأرموي فقد اخترع القانون المربع المسمى نزهة وآلة أخرى تسمى المغنى.
الموسيقى هي فن الألحان والنغم وما يحيط بهما من نواحي العلم والمعرفة. وتتكون الموسيقى من عناصر أساسية هي: الإيقاع : وهو النبض الزمني المنتظم الذي يقاس به زمن الموسيقى. وهو عنصر طبيعي ليس فقط في الموسيقى والفنون الأخرى، بل في قوى الإنسان والعالم بأسره. والإيقاع في الموسيقى هو التقسيم الزمني الذي يكتب رمزه عادة في بداية أول سطر من أي عمل موسيقي. ويكتب هذا الرمز في شكل كسر 2/4 ـ و3/4 أو 5/8. وفي هذا الكسر يمثل المقام الوحدة الزمنية الكبرى، وتساوي أربعة أزمنة، أي أربع خبطات قدم على الأرض وتقسيمات تلك الأزمنة أو مضاعفاتها. أما البسط فيمثل عدد الجزئيات الزمنية من هذه الوحدة الكبيرة التي تتكرر في إطار كل مازورة. وكلمة "مازورة" أصلها فرنسي Mesure ومعناها المقاس. وتعني هذه الكلمة في الموسيقى التقسيمات الزمنية المتساوية التي تعترض السطر الموسيقي الذي يتكون من خمسة سطور أفقية. وتحتوي كل مازورة على وحدات متساوية من النبض الإيقاعي المتكرر. هذا من حيث الإيقاع الذي يقاس به طول اللحن ويحدد سرعته. وهناك إيقاع آخر يحدث مترافقاً معه. فلكل لحن إيقاع ذاتي ينتج من اختلاف البعد الزمني بين الأصوات التي يتكوّن منها اللحن، فتكون هذه الأصوات طويلة أو قصيرة. ويبرز هذا الإيقاع الذاتي في الألحان التي تغنى حيث تحدد مقاطع الكلمات ذلك الإيقاع وتربطه بها. اللحن: يتكون اللحن من مجموعة من الأصوات المتتالية يخضع تنظيمها إلى رغبة المؤلف. وتختلف هذه الأصوات من حيث الدرجة والزمن في الصعود والهبوط أو القفز على درجات السلم. وعلى الرغم من هذا الاختلاف، فهي ترتبط فيما بينها بنسبة بُعدها عن بعضها، أي بنسبة موقعها على درجات السلم، مثل: الدرجة الثانية، أو الثالثة، أو الخامسة... إلخ. وهذه المسافة التي تفصل بين صوت وآخر هي التي تحدد صلة القرابة أو التآلف بين مختلف تلك الأصوات. وهذه الصلة هي أساس علم تعدد الأصوات أي "التركيبات الصوتية" أو الهارموني. جرى العرف على أن تبدأ الألحان وتنتهي من درجة معينة تحدد مقام اللحن، وتبقى هذه الدرجة هي النغم السائد فيه. التركيبات الصوتية : "التآلفات" وهو علم أساسي من علوم الموسيقى نشأ من تحديد صلة القرابة أي التآلف أو التنافر بين درجات السلم عندما تُسمع معًا في آن واحد: اثنان أو ثلاث أو أربع أو أكثر منها. ولقد كان العرب القدامى أول من عرف تلك التركيبات الصوتية. السكوت: للسكوت في الموسيقى علامات زمنية لكل منها قيمة زمنية محددة، وتستعمل لإحداث الفراغ المطلوب وجوده. ومهما طال أو قصر زمن تلك العلامات فهي عنصر ضروري للموسيقى قد تزيد في بلاغتها في التعبير أحيانًا. العناصر الثانوية لون الصوت: اللون في الصوت يختلف باختلاف الآلات التي يصدر منها، مع أن عدد ذبذبات هذا الصوت يظل ثابتًا. مزج الألوان. فسواء أكان مصدر الصوت حنجرة بشرية أم آلة موسيقية، فإن مزج الألوان يخضع لأصول وعوامل. فالصوت الصادر من حنجرة رجل يختلف لونه وبالتالي شخصيته عن الصوت نفسه إذا صدر من صوت فتاة أو سيدة. وكذلك بالنسبة لأصوات الآلات الموسيقية المتنوعة، سواء كانت من المجموعة الوترية أو الخشبية أو النحاسية. العناصر الغريبة الكلمة: تصبح الكلمة في الغناء الفردي أو الجماعي عنصرًا من عناصر الموسيقى، ولو أنها في الواقع غريبة عنها، ذلك لأن الكلمة وخاصة الشعر يُخضع الموسيقى لمعانيه وأوزانه.
الحركة: في الرقص الشعبي أو الباليه تصبح الحركة أيضًا عنصرًا مكملاً أو مُفسرًا للموسيقى المصاحبة له سواء كانت مؤلفة خصيصًا لسرد موضوع أو مسرحية يحل فيها الرقص والموسيقى محل الحوار، كما هو الحال في الباليه، أو كان الرقص تعبيرًا بالحركة عن مضمون موسيقى سابقة التأليف. والكلمة والحركة عنصران غريبان عن الموسيقى، ولكنهما مرتبطان بها ارتباطًا يرجع إلى أقدم العصور. والكلمة والحركة تجعلان الموسيقى تخضع لمضمونهما بجميع عناصرها الأساسية والثانوية، ولكنهما تضيفان إلى الموسيقى إمكانيات تعبير أقوى وأكثر فاعلية. و | |
|