مجرد رأي عن الثورة

مر عام على الثورة وتم تسليم السلطة التشريعية إلى مجلس الشعب بعد حصول الإخوان المسلمين وحزبهم السياسي على الأغلبية ومع ذلك لايزال الشعب يصرخ في ميدان التحرير بسقوط حكم العسكر ، وتبدأ يوم 29 ، 30 يناير إجراءات انتخابات مجلس الشورى ، ولايزال البعض يصرخ في ميدان التحرير وبقية الميادين بإعدام المشير ، وقد صرح المشير بإنهاء حالة الطوارئ اعتبارا من يوم 25 يناير بعد أكثر من ثلاثين عاما إلا فيما يتعلق بجرائم البلطجة وهي الجرائم التي تروع الآمنين من سكان مصر المحروسة ، وسلم الرئيس المخلوع إلى القضاء ليقول كلمته ، ليس هو فحسب ولكن معه كل من اتهم بالفساد واتهم بإهدار المال العام واتهم بقتل المتظاهرين أو التحريض على قتل المتظاهرين ، ويتكهن البعض على الرغم من عدم صدور تصريح واحد من القضاء بأنها تمثيلية من القضاء المصري ولم يدري أن في كلماته إهانة للقضاء ، ذلك القضاء الذي أنصف جماعة الإخوان المحظورة في أيام النظام السابق وهو الذي جاء بها إلى الحكم بعد الثورة ، وهو أيضا الذي أنصف من ينتمون إلى التيار الإسلامي ووضعهم الآن في مواقعهم ليمارسوا السياسة بعد أن كانت محرمة عليهم ، وتناسى الجميع أن من وضع الرئيس المخلوع في المركز الطبي العالمي هو القضاء المصري ولو كان يريد أن ينقل الرئيس المتنحي إلى سجن مزرعة طرة لكان نقله منذ بداية المحاكمة وبداية التحقيقات كما نقل ولديه من قبل ، إذا كان الثأر سيعمي من بالميدان عن الحقائق ، فلنقل على ثورة 25 يناير أنها ثورة بلشفية حمراء ، تعلق المشانق لكل من يخالفها الرأي أو لك من كان يشغل منصبا في أيام النظام السابق ، ولتعمل الثورة على قتل وشنق جميع الجهاز الإداري للدولة لأنهم جميعا كانوا يخدمون في أيام النظام السابق ويقومون بتنفيذ القوانين التي سنها هذا النظام ، وينطبق هذا على عدد كبير ممن ينتمون إلى حزب الحرية والعدالة الحاكم الآن ، وحزب النور المتحالف معه ، وجميع من كانوا يشغلون مناصب أو تم تعيينهم في أيام النظام السابق في الجهاز الإداري للدولة ، فجميعهم لم يعانوا كما عانى من لم يعمل أو نزل الميدان ليطالب برفع أجره الذي لا يكفيه ثمن سجائره أو لا يكفي ليتزوج ، ولم يعاني كما عانى من يعمل بالخارج ويقبض مرتبه بالدولار ، تلك العملة السحرية التي تفتح الأبواب المغلقة ، ولم يكن لديه من الأموال التي تكفي لترشحه لمجلس الشعب - تكلفة الترشيح قد تتعدى بضعة آلاف من الجنيهات لكتابة اللافتات والطباعة للمنشورات ... الخ - الواقع أنني الان في حيرة من أمري وتزيد حيرتي بعد كل ما أسمعه وأشاهده من اجتماعات مجلس الشعب ، لقد استبدل المصريون حزيا بحزب ، ولاتزال المعارضة في الشارع مستمرة ، فهل كانت الانتخابات خطأ أم أنها لم تكن نزيهة ، أم أن الشعب المصري أفاق بعد الانتخابات ليبدأ في الانقلاب على السلطة التشريعية التي اختارها بمحض إرادته ، حيث اتضح له أنها لن تحقق له مايريد بالسرعة التي يريدها ، كنت أتمنى أن تأخذ احتفالات الثورة شكلا آخر غير المظاهرات والاعتصامات بالميادين ، وحتى لو كان هذا الشكل هو الشكل الإسلامي الذي يخشاه العالم الغربي ، ولكن أي شكل غير الذي يشعرنا جميعا بأننا لم نحقق شيئا من هذه الثورة .
واتمنى لو تغيرت الهتافات التي يهتف بها هؤلاء الذين يعتلون الأعناق لإلهاب حماس الجماهير في المظاهرات ، لقد أثبت العسكر كما يطلقون عليهم أنهم ملتزمون بما عاهدوا عليه الشعب وهاهي تعهداتهم تتحقق يوما بعد يوم وجاري البرنامج الزمني لتسليم السلطة إلى سلطة مدنية ، فلماذا المطالبة برحيلهم الآن ولمصلحة من تقويض البرنامج الذي تعهدوا بتنفيذه خلال مدة زمنية محددة ، أرجو أن أجد من يجيبني على هذه التساؤلات فأنا واحد من الناس نفسي أفهم بجد ماذا يحدث في الميدان .